21/06/2022 - 21:43

حوار | شلحت: إسرائيل في طريقها لانتخابات خامسة... هل من جديد؟

شلحت: حالة ناجمة بالأساس عن عدم استقرار سياسيّ على خلفيّة الصراع الحزبيّ والمتمركز حول شخصية زعيم اليمين الإسرائيليّ منذ أكثر من عقد، وهو بنيامين نتنياهو.

حوار | شلحت: إسرائيل في طريقها لانتخابات خامسة... هل من جديد؟

متابعة نتائج الاقتراع في مقرّ المشتركة بشفاعمرو (Getty Images)

تتجه إسرائيل نحو انتخابات عامة خامسة في غضون نحو ثلاث سنوات، وذلك بعد أن قرر رئيس الحكومة، نفتالي بينيت، ورئيس الحكومة البديل، يائير لبيد، أمس الإثنين، حلّ الكنيست والتوجه إلى انتخابات برلمانية مبكرة، يُرجَّح أن تُجرى في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، في أعقاب الأزمات المتواصلة التي تشلّ الائتلاف الحكوميّ الهشّ الذي فقد الأغلبيّة في ظل اتساع الفجوات بين كتله المختلفة، وانشقاق أعضاء كنيست من حزب "يمينا" عن الائتلاف.

ويُرجَّح أن تشهد الساحة السياسية الإسرائيلية خلال الأشهر الأربعة المقبلة التي تسبق الانتخابات المرتقبة، تطوّرات هامّة وتجاذبات بين الأحزاب والكتل المتنافسة على مقاعد الكنيست. للحديث عن الموضوع أكثر، أجرى "عرب 48" الحوار التالي مع الكاتب والمحلل السياسيّ، أنطوان شلحت.

الكاتب والمحلل السياسيّ، أنطوان شلحت

"عرب 48": كيف تنظر إلى انتخابات خامسة خلال نحو ثلاث سنوات، وكيف تعكِس الانتخابات المرتقبة حالةَ التخبُّط وعدم الاستقرار السياسيّ؟

شلحت: أظنّ أنها حالة ناجمة بالأساس عن عدم استقرار سياسيّ على خلفيّة الصراع الحزبيّ والمتمركز حول شخصية زعيم اليمين الإسرائيليّ منذ أكثر من عقد، وهو بنيامين نتنياهو. يُضاف إلى ذلك أيضا، التركيبة العجيبة للحكومة الحاليّة، والتي كما أكّدنا مرّات من الصعب حصرها، أن قاسمها المشترك الذي يكاد يكون وحيدا، هو مناهضتها لاستمرار حُكْم نتنياهو، فيما أن تناقض مواقفها إزاء قضايا أخرى، من شأن كلّ موقف منها أن يتسبّب بأزمة حادّة بينها، وهذا الأمر جعلها على "كفّ عفريت" وفي مهبّ الريح منذ يومها الأوّل، وكانت نهايتها حتميّة ومسألة وقت ليس أكثر.

كما راهنت هذه الحكومة على أن استمرارها يمكن أن يتأتّى أيضا من الفوائد التي جنتها أطرافها على نحو غير مسبوق، مثل أن يكون زعيم حزب من 6 مقاعد برلمانيّة، رئيسا للحكومة، ومتوليًّا لعدد من الوزارات... إلخ. ولكنه كان رهانا خاسرا ومؤقّتا.

نتنياهو خلال كلمة أمام مؤيّديه (Getty Images)

أخيرا، لا بُدّ من القول إن الذهاب إلى انتخابات مبكّرة أخرى، لا يشكّل وصفة مضمونة لعدم إعادة إنتاج نفس أسباب عدم الاستقرار السياسيّ، وبخاصّة في ظلّ استمرار تزعُّم نتنياهو لحزب الليكود ومعسكر اليمين، وعدم تآكُل شعبيّته وشعبيّة حزبه، واستمرار التقاطُب الحزبيّ على قاعدة شبه وحيدة: مع نتنياهو أو ضدّه.. وعلينا أن ننتظر كي نرى ونحكم.

"عرب 48": هل تعتقد أن الأشهر الأربعة المقبلة والتي تسبق الانتخابات، ستكون كفيلة بتغيير حالة التوازُن بين معسكَرَي اليمين المتطرّف، وما يُسمى بـ"اليسار الإسرائيليّ"؟

شلحت: لا أظن أن ثمّة هناك حالة توازُن بين معسكَري اليمين واليسار -الصهيونيّ طبعا- في إسرائيل. ومنذ أعوام طويلة لم يعُد هذا اليسار ذا صلة بواقع إسرائيل السياسيّ والحزبيّ. ما هو موجود في إسرائيل حاليًّا هو معسكر يمينيّ واضح، ومعسكر يدّعي أنه "وسط"، ولكنّه أقرب إلى اليمين سياسيًّا وكذلك اقتصاديًّا. أما اليسار فهو في الهامش.

اقرأ/ي أيضًا | بحسب مقربيه: نتنياهو سيرشح نفسه لولاية أخيرة برئاسة الحكومة

ربّما أنت تقصد تغيير حالة التوازن بين معسكر نتنياهو والمعسكر الذي يعارضه؛ حتى الآن، لا تبدو هذه الإمكانيّة مُرجّحة، وينبغي انتظار ما ستحمله التطوّرات اللاحقة من مستجدّات، وبالطبع يجب أن نأخذ في الاعتبار احتمالات كثيرة بالرغم من ذلك، من بينها احتمال تشكيل حكومة برئاسة نتنياهو مرّة أخرى.

"عرب 48": هل سنشهد تصاعدا وتعاظما في قوّة اليمين المتطرّف، أو ربما تعاظُم تيّار الوسط الذي يمثّله لبيد وغانتس؟

شلحت: إنّ الوسيلة شبه الوحيدة لفحص ذلك هي استطلاعات الرأي العامّ. والاستطلاعات تتوقّع تعاظُم قوّة اليمين، بموازاة حفاظ الوسط على قوّته، ولكن في الوقت عينه، عليّ أن أضيف ما يلي: حتّى موعد الانتخابات من المتوقّع أن تجري مياه كثيرة في الأنهر، وأعتقد أنّ هذه الفترة من شأنها أن تساعد الوسط الذي يمثّله لبيد كونه سيكون على رأس الحكومة الانتقاليّة، وسينتهج سياسة انتخابيّة هو وغانتس من ناحية أمنيّة، إلى جانب اقتصاد انتخابات من ناحية اقتصاديّة، ومن هذا الاقتصاد سيحاول وزير المالية، أفيغدور ليبرمان، أن يجني فوائد حزبيّة، كما تبيّن فورا.

لبيد وغانتس (أرشيفيّة - مكتب الصحافة الحكوميّ)

إنّ مفتاحا مهمّا في معرِض الإجابة عن السؤال، يظلّ مرهونا بالوضع الاقتصاديّ، وكيفيّة معالجة الحكومة له مع رئيسها الجديد. من الآن حتى الانتخابات، ينبغي ألّا ننسى أن الاقتصاد وأوضاع السكّان المعيشيّة تؤثّر كثيرا في عمليّة الاقتراع لمختلف الأحزاب.

"عرب 48": ماذا سيكون حال القائمتين العربيّتين، المشتركة والموحدة، وما مدى جاهزيّتهما لخوض انتخابات جديدة؟

شلحت: برأيي، حال القائمة المشتركة مستقرّ، فقد كان أداؤها في المعارضة جيدا وملائما، واستطلاعات الرأي العامّ تتوقع لها زيادة قوّتها. طبعا أقول هذا الكلام مفترِضا أنّ المشتركة مستمرّة بمركّباتها في الانتخابات المقبلة أيضًا.

بالنسبة للموحّدة، أظنّ أنها في وضع لا تُحسد عليه، سواء من حيث تبعات قرارها، الدخول في ائتلاف حكوميّ إسرائيليّ أجندة سياسته الخارجيّة يمينيّة واستيطانيّة، أو من حجم الفوائد الداخليّة التي ترتّبت على هذا القرار في ما يتعلّق بإيجاد حلول للقضايا الحارقة التي يواجهها المجتمع العربيّ. في تقديري، إن الموحدة ستكون في سباق مع الزمن حتّى موعد الانتخابات كي تبرِز "إيصالات" قرارها الدخول في ائتلاف حكوميّ، وهو قرار غير مسبوق في تاريخ العمل السياسيّ الفلسطينيّ في الداخل، وغير مبرَّر أبدا.

"عرب 48": هل تتوقّع ارتفاعَ أم هبوطَ نسبة التصويت لدى المواطن العربيّ، الذي ربّما توصّل إلى نتيجة مفادها أنه لا تأثير للعرب في الكنيست، سواء كانوا داخل أو خارج الائتلاف؟

شلحت: سؤال صعب، ولا أعرف ما إذا كان هذا الاستنتاج الذي ذكرت هو الوحيد الذي توصّل إليه المواطن العربيّ، ومع ذلك، لا شكّ في أنّ الأصوات التي تتبنّى هذا الاستنتاج ستكون كثيرة، وقد تزداد قوّةً وتأثيرا، إلى جانب الأصوات الداعية إلى مقاطعة الانتخابات، والتي ستكون لديها فرصة سانحة للدفع قُدُما بدعوتها هذه، من خلال استخدام تجربة انخراط الموحّدة في الائتلاف الحكوميّ، وتأثير ذلك إلى ناحية تعميق الأسرَلَة، وتشويه الهويّة الوطنيّة.

داخل مركز اقتراع في الناصرة (Getty Images)

ما أستطيع قوله هو أن الزّخَم الذي حدث وتسبّب بتمكُّن المواطنين العرب من إيصال 15 نائبا إلى الكنيست، غيرُ مرشّح لأن يتكرّر، إلّا إذا حدثت أعجوبة وتوحّدت القائمتان، ومثل هذا السيناريو لا يبدو واقعيا في الوقت الحاليّ، ولكن يخلق الله ما لا تعلمون.

التعليقات